هل العالم من حولنا ملون .. أم هو حقاً عديم الألوان ؟؟
نرتاح كثيراً للطبيعة لأنها تزخر بالعديد من الألوان الجميلة، إننا كمخلوقات بشرية ننجذب لكل ما هو ملون، ونشعر معه بالجمال.. فهل هذا العالم من حولنا ملون بالفعل أم أن تفاعله مع الضوء وإدراك حواسنا لذلك التفاعل هو ما يكسبه هذه الألوان الجميلة ؟
لنبدأ أولاً مع ضوء الشمس الذي نراه أحياناً عديم اللون، إنه يحوي عدداً من الأطوال الموجية المختلفة ويعبر كل طول موجي منها عن لون مختلف، ويمكن مشاهدة هذه الألوان ببساطة في قوس قزح حين تنكسر أشعة الشمس بسبب ذرات المطر التي تملأ الجو، في هذا الانكسار يتحلل ضوء الشمس إلى أطواله الموجية الرئيسية ويمكن الحصول على ذلك أيضاً بتعريض أشعة الشمس لمنشور زجاجي.
حسناً .. ما دخل ضوء الشمس أو الضوء الأبيض في موضوع الألوان ؟
لتتخيل الآن نفسك جالساً في حجرة مظلمة وقد أعطيت فاكهة ما ومن خلال حاسة اللمس استطعت أن تتوقع أن هذه الفاكهة ما هي إلا تفاحة .. هل تستطيع الإخبار عن لون هذه التفاحة ؟ بالطبع لا .. يلزمك حتماً ضوء يسقط على هذه التفاحة ثم يرتد إلى خلايا عينيك لتستطيع الإخبار عن لون التفاحة.
عندما يسقط الضوء على التفاحة فإن ذرات سطح التفاحة تمتص جميع الأطوال الموجية وتعكس فقط الطول الموجي المناظر للون الأحمر وبالتالي تبدو لنا التفاحة حمراء، كما في الشكل أدناه !!
إذن لون التفاحة ما هو إلا نتيجة تفاعلها مع الضوء وطبيعة إدراكنا لهذا التفاعل، أي أننا يمكن أن نقول أن الأجسام في غياب الضوء لا يمكن أن تكتسب أي لون من الألوان، وأن اللون ماهو إلا شفرة بين ضوء الشمس وخلايا الدماغ لدى الإنسان.
وهنا قد يتبادر إلى الذهن سؤال عن الألوان الأخرى المعقدة التي نراها ؟ إنها هي الأخرى ما هي إلا مزيج بقدر معين بين الألوان الرئيسية الثلاثة : الأحمر والأزرق والأخضر، وأي لون في الطبيعة هو مزيج معين من هذه الألوان. وبمعنى آخر ما هو إلا محصلة تداخل عدد من الأطوال الموجية تعكسه تلك المادة وتمتص بقية الأطوال الموجية فتظهر لنا المادة بهذا الشكل.
بقي أن نشير إلى أن الضوء الأسود يعني أن المادة قد امتصت كل الأطوال الموجية ولم تعكس منها شيئاً وبالتالي تظهر في أعيننا كبقعة سوداء معتمة ، في حين يعكس اللون الأبيض كل الأطوال الموجية التي تكون محصلة تداخلها هذا اللون الأبيض الزتهي الذي تدركه أعيننا وتحبه أرواحنا ...
إن إدراك حقيقة الألوان .. يقودنا إلى حقيقة فيزيائية أعظم وقضية كانت ولا زالت جدلية بالمقام الأول .. وهي هل يبدو هذا العالم في الحقيقة كما نراه ؟ أم أن حواسنا هي التي تجعله كذلك ؟ ولعلي أحدثكم في حلقة لاحقة عن هذا الجنون ..
وحتى ذلك الوقت دمتم بكل خير .